نعم لعلاقات دبلوماسية كردستانية – إسرائيلية

كامل السعدون
لم ينطق الرجل الجميل البارزاني عن هوى ، وحاشاه أن يفعل ...!  بل هو صوت الواقعية الكردية في مرحلة نهوض هذه الأمة على أنقاض العلاقات العربية ( بواجهتها الإسلامية الإرهابية المتخلفة ) والحليف الغربي التاريخي لهذه الأمة ورموزها الرجعية الشوفينية المتخلفة .

هو صوت الشعب الكردي في هذه الأمة العريضة الكبيرة التي عانت من ظلم العرب والترك والفرس دهرا طويلا ... هو صوت الحقائق الكردية الناصعة المشرقة القائمة اليوم على أرض العراق ، والتي ستقوم غدا على ارض كردستان إيران وكردستان تركيا وسوريا ... لكن حسبنا اليوم من كردستان شطرها العراقي .

في خضم صراع عرب العراق ، الأشقاء الأعداء ، ( كما هم العرب دوما وفي كل مكان... اشقاء وأعداء ) ، في خضم صراعهم وتكالبهم على ذبح بعضهم على الهوية الطائفية البائسة ( والتي لا وجود لها في كردستان ولله الحمد ) ، في خضم هذا الصراع ، على الأخوة الكرد أن يرسموا سياستهم الواقعية العقلانية المتحضرة الجميلة ، بأكبر قدر من الإستقلال عن اولئك المتصارعين المستبسلين في الصراع من أجل إشباع هموم أجنبية غير وطنية وغير عراقية .

وإذ نقول ، هموم أجنبية ، فالمعنى هو هذا التجاذب والولاء المزدوج للعرب والفرس ، لدى القيادات الفاعلة الناشطة للأخوة السنة والشيعة العراقيون .

في خضم هذا الصراع وهذا التجاذب والإستقطاب ، ليس للكرد إلا أن يستقلوا برسم سياسة الإقليم بأكبر قدر من الحرية ، سواء للمساومة على إستعادة بقية الأرض الكردستانية ، او من أجل دعم خياراتهم المستقبلية في الحرية والإستقلال الناجز .
تصريحات السيد البارزاني ، رغم أنها تضمنت أولوية القرار الوطني الإتحادي للحكومة العراقية في إقامة علاقات مع إسرائيل ، لكنها بذات الآن أشارت إلى نية كردية جريئة أظن أنها ستوضع كورقة قوية على الطاولة التساومية مع المركز ، ضمن أوراق أخرى عديدة وقوية ، يملكها الكرد الموحدين ، ولا يملك ولا حتى ربعها أو عشرها العرب المفترقين المتقاتلين في العراق العربي .

أنا اؤمن غاية الإيمان بأن أجندة السادة مقتدى الصدر والضاري وبقية الإسلاميين العرب ، شيعتهم وسنتهم ، ومن ورائهم إيرانهم ومصرهم وأزهرهم وسعوديتهم ، لا تعني ولا يجب أن تولى الإعتبار من قبل الكرد وقياداتهم القوية الموحدة .
فهؤلاء جميعا ، لم نسمع لهم ولا حتى في يوم الله هذا ، صوت إحتجاج أو ندم أو إستغفار أو إستنكار لجرائم الأنفال ومحرقة حلبجة السيئتي الصيت .

إنه مصير شعب عريض ومصلحة أمة مستباحة مستلبة في أن تستغل أي سانحة من الفرص لأقامة علاقات مع كل دول العالم ( وبينها إسرائيل ) وبغض النظر عن موقف المركز في المنطقة الخضراء .

هناك مشتركات كبيرة كثيرة تجمع بين إسرائيل والكرد في كردستان العراق . شعبان يلتقيان في الإفتراق الإثني والثقافي عن العرب ، ويجتمعان في أنهم تعرضوا ولا زالوا يتعرضون للعداء العربي المبطن أو المعلن ، ثم يلتقون في أنهم كانوا يوما ما ضحايا للقمع الإسلامي ولقرون عديدة ، سواء من الترك أو الفرس أو العرب ، ولا زال كلا الشعبين مهددين من ذات الأعداء ، العرب والترك والفرس ، كحكومات أولا ثم كثقافة إسلامية سائدة في تلك الدول التي تستبيح أراضي الكرد كميراث من الإمبراطوريات السابقة ( العثمانية والفارسية ) .

ويلتقون أخيرا في النهج السياسي الديموقراطي . وبالنتيجة فإن للطرفين مصالح كبيرة في إقامة علاقات إقتصادية وسياسية وثقافية واسعة ، يمكن أن تبدأ بالدبلوماسية ولا تنتهي عندها .

على الأخوة الكرد وقياداتهم القومية الواعية وإستنادا إلى الإعتدال الإسلامي لدى الشعب الكردي ووعي هذا الشعب لمظلوميته التاريخية ومعرفته العيانية الصارخة لأعداءه الحقيقين ، أعداء الأمس واليوم والغد ، عليهم أن يسارعوا إلى أقامة العلاقات الوثيقة مع دولة إسرائيل اليوم قبل الغد ، وفرصة اليوم قد لا تأتي غدا لا سمح الله .

وبورك هذا الصوت الحضاري الواقعي الكردي الجريء .

 

Back