لكي لا نركب الباص الخطأ

مسعود جاسم أسماعيل

الأخوة الفيلية الأعزاء
تحية طيبة

نفرح جميعا عندما نرى شخصا واحدا منا يحاول صادقا" أن يخدم قضيتنا، فكيف بنا حينما نرى أشخاصا يحاولون ذلك لاسيما عندما يحمل الموضوع صفة تحالف أو أئتلاف أو مجلس أعلى، إذ نبدأ حينها بالتفاؤل وأنتظار النتائج .

إننا كفيلية نقف اليوم على خط غير مقبول لأنه خلف خطوط المتقدمين ولايليق بنا أن نبقى هكذا فمكاننا الصحيح والذي نستحقه في المقدمة مع المتقدمين و في الخطوط الاولى، ولكي نتمكن من الوصول إلى هذا المكان المتقدم علينا أن نرتقي إليه بخطوات متزنة محسوبة لكي لاتزل قدمنا ونتدحرج ونرجع الى خلف الخط الذي بدأنا منه أو ربما السقوط في الهاوية لاسامح الله ...
فإذا لم نكن واثقين من أن محاولة صعودنا للتقدم ستنجح بنسبة عالية ، لايجوز أن نبدأ الحركة ونبقى في مكاننا محافظين على خطنا الحالي فهو أفضل لنا من الرجوع للوراء بأنتظار فرصة أخرى، أو البحث عن طريقة أخرى ناجحة .فكل شعب أو مجموعة أو انسان أذا لم يستطع أن يتقدم في مرحلة ما فعليه على الأقل أن يحافظ على موقعه الذي هو فيه ولايرجع الى الخلف الى أن تحين الفرصة له بالتقدم والنهوض.

فنحن الآن في مفصل تاريخي والخطأ هنا سيكون ثمنه بألف خطأ في الظرف الطبيعي. فقبل كل شئ علينا أن نعرف ومن ثم نقرر كيف نطرح أنفسنا نحن الفيلية في عراق اليوم ؟وما الذي يضرنا وما الذي ينفعنا ... ولنبدأ بسؤال أنفسنا ومن ثم الاجابة على هذه التساؤلات بمنطقيه لكي نصل الى الجواب الصحيح، مع كبير أعتزازي بالمجلس الاعلى للكرد الشيعة لنواياهم الطيبة لخدمة الفيلية، ولكن أرجو أن يتسع صدرهم لأخ يحاول مثلهم مع أخوان له خدمة نفس القضية وأرجو منهم كأخوان أن يستمعوا ولا يزعلوا وبعدها لهم أن يردوا كمايشاؤون فنحن هنا نناقش ونبحث في موضوع يخصنا جميعا ولنا حق الخوض به فهو ليس موضوعا شخصيا فأخواننا الذين تجمعوا وأعلنوا عن تشكيل مجلس أعلى للكرد الشيعة ، طرحوا القضية الفيلية بأطار طائفي ونصبوا من أنفسهم مرجعية سياسية للفيلية بدون أنتخابات شرعية على الصعيد الفيلي وهم يعلمون جيدا قبل غيرهم أنهم فعلوا أمرا" غير صحيح ولايمتلك الحد الادنى من الشرعية ،وسيبقون داخل حلقتهم الضيقة جدا" لأنهم تجاوزا المجموع وحقهم في من يمثلهم وعلينا جميعا" كفيلية أن نعرف ماهو الشكل الصحيح الذي نطرح به أنفسنا هل بأطار طائفي أم بأطار قومي ووطني ليبرالي، مواكبين بذلك قوانين العصر الحديث والمعادلات السياسية التي على الارض.

... وعلينا أن نعرف جميعا وبالأخص أخواننا في المجلس الأعلى للكرد الشيعة ماذا سنكسب وماذا سنخسر من الطرح الطائفي لقضيتنا، وعلى ضوء ذلك نحدد أين طريقناالصحيح؟ فالطرح الاسلامي الطائفي لقضيتنا سيضع صورة الفيلية باطار جديد لم يعرفوا به سابقا" أطار سيشوه صورتهم الجميلة في أذهان شعبنا الكريم فدائما كانت صورة الفيلية صورة قومية وطنية عراقية تقدمية بعيدة كل البعد عن التيارات الرجعية الضيقة، فعندما يأتي ذكر أحرار العراق يذكر الفيلية وعندما يذكر شجعان العراق يذكر الفيلية وعندما يتم الحديث عن قيم التسامح الديني حيث عاش الفيلية في منطقة باب الشيخ والكفاح في أجواء متسامحة دينيا" وطائفيا" وعرقيا" أول مايذكر الفيلية فكيف تريدون تحطيم هذا الاطار المتسامح وتضعوا صورتنا الجميلة بأطار مشوه طائفي ضيق ليشوه صورتنا ويسئ لنا ..

تقولون أننا أردنا تجنب الطائفية المقيتة فهل من يريد تجنب الطائفية المقيتة يطرح نفسه بأطار طائفي ألا تلاحظون أنكم تتلاعبون بالالفاظ.

فبداية" خسرتم الإخوان الأعزاء في كردستان بهذا الطرح الطائفي لأنهم (سنة)، وهذه تعتبر أشارة سلبية لهم، إذ تربطنا بهم رابطة الدم المقدس ،ولم تفرقنا الطائفية يوما ما، ولانريد أن نأتي على ذكر الطائفية في كل مايتعلق بخصوصيات العلاقة بيننا لأنها ستشطرنا عن عنهم.

كما اننا بهذا الأمر نخسر أخواننا العرب السنة وهم عنصر أساسي في المعادلة السياسية العراقية، وكذلك في النسيج الاجتماعي الذي نحن نعيش فيه معهم ونشاركهم أياه.

أما الطرف الأخر الذي خسرتموه فهم أخواننا من المسيح والصابئة والايزيدية لأنهم يقلقون من الحركات الدينية الاسلامية والتي يخشون أن تضطهدهم .

بل وفي رأيي حتى العرب الشيعة وخصوصا" أحزابهم السياسية الكبرى،إذا لم يكن لهم دور فيما تفعلوه، سيعتبرونكم منافسين لهم، ولو على بعض أصوات الفيلية ممن لهم توجهات دينية. وكأن لسان حالهم سيقول من اراد أن يعمل بأطار شيعي، فليعمل معنا فنحن الاساس في هذا الموضوع، وهذا كلام منطقي من قبلهم،فهم يمتلكون نظرية أسلامية معينة وعندهم فطاحل علماء الشيعة ورجال الدين وهم قادة المذهب منذ أكثر من ألف عام، ولديهم عوائل دينية قيادية وراثية، مكتسبة للشرعية والمصداقية لقيادة الشيعة في العراق عبر نضال طويل منذ زمن أجدادهم الأوائل والى اليوم، فماذا تمتلكون أنتم؟ وماهي نظريتكم الاسلامية؟ ومن هم علماء الدين منكم ومن قياداتكم الدينية الشرعية المعترف بها؟ من هم رموز قياداتكم التي تتمتع بتاريخ ديني معروف؟ فلتخرج علينا وتقول ها نحن ...

إن السيرة الذاتية لرجل الدين وتاريخه الشخصي وأرث عائلته الديني عوامل مهمة في هذا المضمار، بل من أهم عوامل مصداقيته فليس كل من تعلم كلمتين في الدين أصبح رجل دين ولا كل من قرأ نصف كتاب ديني أصبح عالم دين ولا كل من وضع العمامة على رأسه صار قائدا أسلاميا.

إن تقليد الأخرين وطريقة عملهم وأستخدام حتى مسمياتهم بهذه الإسلوب الاستنساخي عمل غير صحيح فلكل شريحة ظروفها وأمكانياتها وتوجهاتها، فعليكم معرفة ماتريده شريحتكم وماهو الذي يخدمها وتعملوا على أساسه.

لقد خسرتم كل الفيلية الليبراليين والذي هم الغالبية العظمى من الفيلية فصحيح انهم جميعا" يؤمنون بالدين والأئمة الأطهار (ع) ولكن مزاجهم السياسي ليبرالي متحرر وتقدمي وبعيد كل البعد عن الطروحات السياسية الدينية المتشددة.

هذه خسارتكم على صعيد الداخل أما على صعيد الخارج فالإرادة الدولية الفاعلة في العراق ترتاب من كل الطروحات الدينية، والشيعية بالأخص، خوفا من أن تكون أمتدادات للنظام الأيراني في العراق، أو لها أتصالات بالمخابرات الأيرانية وتعمل بمشورتها.

أما دول الجوار فلاداعي لشرح موقفهم السئ من طرح شيعي جديد، وهكذا فأنتم تخسرون الجميع قبل البدء بهذا الطرح الطائفي.

إن الطرح السياسي الفيلي في عراق اليوم يجب أن يكون طرحا وطنيا"، عراقيا"، تكون فيه المطالبة بحقوق الفيلية ضمن رؤيا وطنية عراقية شاملة، وليس بالاطار الطائفي الضيق لكي يأخذ الأحترام والمصداقية والمشروعية الكاملة له من قبل الجميع ... وسيستطيع الفيلية بعد ذلك أن يلعبوا دورا" مهما" في العملية السياسية في العراق الجديد وبالقدر الذي يستحقون.

فلايجوز لأي كان أن يشوه الصورة الجميلة للفيلية التي عرفنا الآخرون بها وأحبونا وأحترمونا من خلال ما تشع به من وطنية عراقية وتسامح ديني وقلب كبير يتسع لجميع العراقيين وأنتماء قومي حقيقي كانت السبب فيما أكتسبنا من أحترام ومصداقية عبر تاريخنا الطويل وليعلم الجميع أن صرخة الحرية المدوية التي أطلقها الكرد في العراق شاركت بها حناجر الفيلية وأن الفيدرالية لكردستان الحبيبة حق مقدس يؤمن الضمير والوجدان الفيلي بكل أخلاص، وأن الزعماء التاريخيين الأبطال في كردستان هم زعمائنا وقدوة لنا ورموزا" قومية نحترمها ونعتز بها بقدر كبيرجدا" ، مهما أختلفت الرؤيا بيننا في بعض الاحيان، ولن نسمح للغريب أن يدخل بيننا ويفسد أخوة الدم التاريخية التي تربطنا بمحاولة ساذجة لتشويش الرؤيا الواضحة التي نرى بها العراق الجديد الفدرالي التعددي الديمقراطي.

بعد كل ماتقدم أيها الأخوة المحترمون في هذا المجلس، أرجو منكم رحابة الصدر لما قلته لكم فليس المقصود أحباطكم أو التقليل من شأن جهودكم فأنها مضنية بلاشك، كما إنها دعوة للمناقشة والمذاكرة مع أخوانكم في العمل السياسي الخاص بالفيلية، فاننا نمد يدنا لكم كأخوان أعزاء، نكمل بعضنا البعض، وأرجو أن لاتأخذوا الموضوع بحساسية لان الخلاف في الرؤيا السياسية شئ وارد جدا".

أحييكم جميعا" مرة ثانية فنحن أولا" وأخيرا" أخوان وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير

مسعود جاسم أسماعيل
بغداد 14
-7-2005