الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..! هادي فريد التكريتي الكورد الفيلية من الشرائح الفاعلة والمهمة في المجتمع العراقي ، عريقة في تواجدها على الأرض العراقية منذ أقدم العصور ، ولا يمكنني إضافة شيء ذي أهمية تذكر ، في هذا المجال ، لما تطرق إليه وأغناه بحثا الكثير من المؤرخين والكتاب العراقيين والأجانب ، متناولين أصلهم و" فصلهم " والأرض التي ولدوا عليها ، أو جاءوا منها ، قديما ، وسكناهم وامتداداتهم حديثا ، والأدوار التي لعبوها في المجتمعات التي عاشوا فيها ، ومن يريد الاستزادة سيجد الشيء الكثير عند من كتبوا . ما يهمني في الظرف الراهن ، أن أساهم في بلورة وتبيان حقيقة بعض هذا الحيف والظلم ، الذي وقع ويقع على هذه الشريحة العراقية والوطنية ، ربما أكثر من غيرها من شرائح المجتمع ، البعض يرد أسباب الجرائم والأنتهاكات التي وقعت على هذه الشريحة من قبل الحكم القومي ـ الفاشي ، على أساس التمييز الطائفي ، على اعتبار أنهم شيعة علي بن أبي طالب وولاؤهم لأهل بيته ، وهذا الأمر ليس ما يورده الإسلاميون الطائفيون ، بعد أن سيطر القوميون والعنصريون الفاشيون على الحكم ، بل شاركهم فيه ، حديثا ، البعض من الكتاب التقدميين ، والذين كانوا إلى عهد قريب ممن يؤمنون بالفكر الماركسي ، والمنتمين للحزب الشيوعي العراقي خصوصا ، وبالطبع لا يمكن لهؤلاء أن يقدموا دليلا منطقيا وعقلانيا على هذه الدعوى ، على الرغم من أن هؤلاء الكتاب ـ التقدميين ـ يضعون الأسباب السياسية ، أحيانا ، نتيجة لحضور الحقيقة في أذهانهم ، وراء هذه الاضطهاد ، وهو باعتقادي سبب مهم وأساسي ، في الكثير من معاناة الكورد الفيلية ، من قتل وتهجير وسلب لكل ممتلكاتهم وحقوقهم . المتتبع للوضع السياسي والاجتماعي العراقي منذ تكشيل الحكم الوطني الملكي ، وحتى سقوط جمهورية تموز ، يجد أن الكورد الفيلية ، كانوا يتمتعون بحريات عامة وخاصة ، حالهم حال بقية قطاعات المجتمع ، في تشكيل النوادي الرياضية والجمعيات ، وكان لهم ظهور ملحوظ على ميدان الحركة السياسية العراقية ، الوطنية الديموقراطية ، والقومية ، كقادة وكأعضاء ، كما أن الكثير من مثقفيهم وكتابهم ، يمارسون إبداعهم لخدمة القضية الوطنية ، ونتيجة لهذا الواقع دخل الكثير منهم السجون والمواقف العراقية ، ليس على أساس معتقد طائفي ـ شيعي ، ولكن على أساس معتقداتهم السياسية وتوجهاتهم الفكريه التقدمية والوطنية ، وحتى من حوكموا على انتمائاتهم للحزب الشيوعي ، أو للأحزاب القومية الكوردية ، لم تصدر الأحكام عليهم كونهم كوردا ، بل كمواطنين عراقيين ، لحساسية القضية الكوردية في المجتمع العراقي آنذاك ، ولعدم تكوين انطباع عن الدولة من أنها تمارس قوانين عنصرية على مواطنيها . الحكم القومي الفاشي ـ البعثي ، ومبادئ حزب البعث قومية وعنصرية بحتة ، وما كان يضمره من كره وحقد على الكورد أمر مسلم به ولا يحتاج لبرهان أو دليل ، كما هو عداؤه للحزب الشيوعي ، المتبني لكل الحلول والشعارات القومية الكوردية ، وبما ان الكورد الفيلية هم كورد وشيوعيون في وقت واحد ، ومواقفهم من مقاومة 8 شباط لا يمكن أن ُتنسى ، على الضد من الفتاوى التي مارستها بعض من أقسام المؤسسة الطائفية لصالح الفاشست ، وبالضد من مشاعر ووطنية هذه الشريحة ، كل هذه أمور لا يمكن أن تتجاوزها العقلية القومية ـ العنصرية ـ الفاشية ، ومن هنا نتبين أن الإضطهاد والقمع والقتل والتهجير له أسبابه ودوافعه السياسية ، المبررة وفق منظور عنصري ـ فاشي ، وليس على أساس طائفي ، يستمد من قوانين الجنسية العنصرية سندا" قانونيا" التجأ إليه ، والذي اتخذه ذريعة للتهجير ، من منطلقات عنصرية ، مستندا على التمييز بين : التبعية الإيرانية ، وتفسيرها بأنها أجنبية ، والتبعية العثمانية ، بأنها وطنية سواء أكانت عربية أم كوردية ..! واقع الحال يؤيد الرأي القائل أن أسباب
التهجير ليست طائفية ، والأسباب كثيرة : الأول لم يشمل التهجير العناصر
الحزبية المنتمية لحزب البعث ، فكثير من الكورد الفيلية الشيعة الأعضاء ظلوا
يمارسون مسؤلياتهم في مؤسسات الدولة والحكم ، على الرغم من أن أشقاءهم
واخوتهم قد شملهم التهجير ، لكونهم إما مستقلين سياسيا أو منتمين لأحزاب
وطنية معادية للنظام ، السبب الثاني : تهجير النساء والأطفال وكبار السن قسرا
والقائهم على الحدود ، مع الاحتفاظ بالشباب ، هذا الإجراء اقتضته تداعيات نية
التفكير بالحرب ، وإلقاء تبعة مشاكلها على إيران ، وتعقيد مجمل الأوضاع التي
تعاني منها الثورة الإسلامية.. السبب الثالث ، اقتصادي صرف ، بالاستيلاء على
الأموال التجارية والمؤسسات الإقتصادية ، وكافة ممتلكات المهجرين ، لدعم
المجهود الحربي . |