طريق الشعب - الثلاثاء 7 نيسان 2009
 

تحقيقات

في الذكرى التاسعة والعشرين لجريمة العصر

الكرد الفيليون يرفعون شعار "مزقنا الكفن وتحدينا الفناء والى الحياة نتطلع"

 

عزيز الشعباني

اقامت مؤسسة شفق للثقافة والاعلام وبالتعاون مع جمعية الكرد الفيليين ومنظمة البيت الكردي المؤتمر الخامس لاستذكار جريمة "ترحيل وتهجير وتغييب الكرد الفيليين"... وقد جرت فعاليات هذا المؤتمر على قاعة قرطبة في فندق المنصور ميليا في الرابع من الشهر الجاري وشهد حضوراً اعلامياً متميزاً ما بين قنوات واذاعات ومندوبي صحف، وحضوراً مميزاً ايضاً لعدد من المسؤولين والبرلمانيين كان بينهم السيدة سامية عزيز والاستاذ جمال الساعدي عن الائتلاف العراقي ولفيف من المثقفين العراقيين تتوسطهم الاستاذة القاصة سافرة جميل حافظ... بالاضافة الى عوائل الشهداء والمهجرين من الكرد الفيليين الذين حملوا مظالمهم معهم مع صور لشهدائهم وكان لسان حالهم يقول:

"شيعتني الخفافيش وقهقهات القتلة وسكرهم، فمت واعدمت بلا محكمة... بلا قاض... دون جرم او جريمة... جريمتي هي قرار اتهامي انني كردي فيلي عراقي... وهكذا كانت عقوبتي أن اموت بلا كفن".

 

ان الدمار الذي احدثه النظام السابق في الجسد العراقي، والجراح والمآسي التي خلفها انما هي اكبر من ان تغيب عن ذاكرة شعب كان حقلاً لتجارب الاسلحة الكيمياوية... اثر الدمار سيظل شاخصاً في الحاضر والمستقبل في عيون الايتام والارامل، ومؤلماً في عيون الامهات اللاتي ما أجدن شيئاً اكثر من اجادة البكاء على ابناء كانوا الضحية لشعارات فارغة،ولاجل ذلك فان الآمال معلقة بنجاح عملية التغيير واستمرارها في انجاز المشروع الوطني الديمقراطي العراقي وبناء دولة يكون فيها الانسان الغاية الاسمى والاقدس... الغاية التي تترك لاجلها كل الجزئيات والاهداف الضيقة... دولة لا تسمح لاحد ان يصادر مرة اخرى المواقف الوطنية... أن يصادر ارادة الجماهير... لا تسمح لاحد أن يصادر التضحيات الجسام التي قدمها الفيليون وغيرهم في مسيرة عبدوا طريقها بالشرف... دولة لا تسمح لاحد أن يتجاهل شخصية الاقليات وتجعل الجميع ينظر لهم باحترام... وسوف لن تسمح لاحد ايضاً ان ينكر الظلم الذي لحق بالكرد الفيليين وما تعرضوا له من حرمان من حق المواطنة والتهجير قسراً من العراق وسبيهم على نسق ما كان يحدث في التاريخ القديم دون واعز من حق او ضمير.

* على هامش المؤتمر:

البرلمانية سامية عزيز صرحت لـ"طريق الشعب" بعد ان بادرنا بالسؤال:

* تهجير الثمانينيات وقع حيفه على عدة طوائف من الشعب العراقي وراح ضحيته عوائل كردية وعربية مسلمة ومسيحية واشورية وكلدانية، السؤال لماذا تحمل هذه القضية اسم الكرد الفيليين فقط؟

- نحن في لجنة المهجرين داخل البرلمان نعمل لجميع المهجرين في العراق، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والدينية والقومية ولكن هناك لجنة مصغرة داخل لجنة المهجرين مخصصة للمهجرين قبل سقوط النظام وهؤلاء اعتقد لهم الحق في ان ندافع عنهم، وانا كوني من شريحة الكرد الفيليين فحتماً الكرد الفيليين يلتفون حولي ليعرضوا مشاكلهم للوصول الى حلول لهذا الموضوع وبنفس الوقت نحن على اتم الاستعداد للاستماع لمشكلة أي انسان يعرض مشكلته سواء كان كردياً او عربياً، مسلماً او مسيحياً وتهجير الثمانينيات نعم شمل اطياف عديدة ولكن الشريحة الفيلية كان نصيبها الاكبر، وهناك ايضاً مهجرين عرب وآشور وكلدان وغيرهم.

* الا يرى الكرد الفيليين ان جهودهم ما زالت مبعثرة تحتاج الى تعبئة وانسجام يتلاءم مع عمق القضية؟

- نعم بكل تأكيد هناك بعثرة للجهود لان الفيليين لم توحد اعمالهم حيث ان البعض منهم ينتمي الى اتجاهات سياسية منها الاحزاب الديمقراطية التقدمية والاحزاب الاسلامية، وانا انصح هؤلاء بان يوحدوا عملهم وينظموا تحت لواء واحد يكون للكرد الفيليين بغض النظر عن الانتماءات الاخرى وها نحن نسعى من اجل لم جراحنا وتوحيد قضيتنا.

* نرى ان جميع المؤسسات والجمعيات التي انشأها الكرد الفيليين منذ اربعينيات القرن الماضي حتى بداية (2009) انما تدرج ضمن عمل منظمات المجتمع المدني ولا ترقى الى مستوى العمل السياسي

- وهذا ايضاً صحيح، حيث لم يتم انشاء حزب خاص بالكرد الفيليين ورغم وجود احزاب حالياً على الساحة سواء في بغداد او في السويد، لكنها ما زالت ليست بمستوى الطموح ولا تملك تلك القوى ان تكون في مصاف الاحزاب الاخرى.

* هل توصلتم الى شعارات سياسية تجمع ما بين اسناد العملية السياسية حالياً والمشاركة فيها؟

- هذه المؤتمرات والندوات والتظاهرات سواء في ساحة الفردوس قبل ايام او في متنزه الزوراء قبل شهر هي اشارات وشعارات تضغط على الحكومة لانجاز قضية الكرد الفيليين الذين هم خارج اقليم كردستان.

سألنا عضو البرلمان الاستاذ جمال الساعدي/ من الائتلاف العراقي وعضو حزب الدعوة..

* لماذا كل هذا التأخير في ايجاد حلول لمشاكل هذه الشريحة من الفيليين خاصة وان نظرائهم في اقليم كردستان من المتضررين في حلبجة حصلوا على جميع حقوقهم وبمدة قياسية مقارنة بالفيليين هنا في الحكومة المركزية؟

- للاسف ان الوضع السياسي والوضع الامني المتردي خلال السنوات المنصرمة قد ساهم مساهمة كبيرة ودون قصد في هذا التأخير، اما بالنسبة لاقليم كردستان فاعتقد انه حصل على فترة زمنية طويلة وكافية منذ التسعينيات ولحد الآن مكنته من ان ينظم اموره ويحقق مطالب شعبه، ونحن في بغداد تعرفون اننا خضنا معارك اثنية من صراعات وقتل وتهجير وتفجير كان لها دور في تأخير عملية البناء، ومع ذلك استطعنا ان ننجز جزء من المطلوب. وما زال امامنا الكثير، فقد انجزنا قانون الجنسية الذي كان يقلق الكرد الفيليين بعد أن حولهم صدام الى غرباء على العراق وكذلك قضية الشهداء من خلال مؤسسة الشهداء وقضية الاموال والاملاك العمل فيها جارٍ من خلال هيئة حل نزاعات الملكية... وهكذا نكون قد حققنا جزءاً كبيراً وما زالت الفسحة امامنا لحل المشاكل الاخرى وخاصة بعد تحسن الوضع الامني .

* شهداؤنا بهذا الكم الهائل من كرد فيليين ومناضلين من كافة الاحزاب وضحايا آخرين تم اعدامهم بصورة جماعية، ماذا فعلتم في البرلمان وفاءً لكل هؤلاء؟

- في كثير من الدول التي خاضت حروباً سواء في التحرير او من اجل الحرية ومنها ايران قامت بعمل مقابر جماعية خاصة في كل مدينة واهتمت سياحياً بهذه المقابر وجعلتها مزاراً يسجل حقبة من تاريخ نضال الشعوب، ونحن نقترح ان نقوم بعمل كهذا وتتحول المقابر الجماعية التي قام بها النظام المقبور الى مزارات، وبذلك نقوم باصطحاب أي زائر الى العراق الى هذه المقابر لتكون ادانة تاريخية لنظام صدام والحكم البعثي، وقد قدمت انا شخصياً مقترحاً للبرلمان بان لا ترفع المقابر ولا تنقل وانما تتحول الى اماكن سياحية واثار تاريخية وتؤطر، واقترح ان نضع شاهداً للشهيد الذي لم يحظ بقبر او رمز لشهادته ليكون رمزاً تاريخياً، وادانة للنظام، وكذلك فان هذه المقابر المنظمة ستسهل للناس زيارة ذويهم بدل الذهاب الى النجف وتحمل كل هذه المعاناة.

وهذا ايضاً يحتاج الى اقناع وضغط على الحكومة ويحتاج الى تحشيد المنظمات والمؤسسات وغيرها.

وتوجهنا بالسؤال الى طارق خسرو اسكندر/ عضو الهيئة الادارية في منظمة الكرد الفيليين..

* كيف تقيمون جدية الحكومة في تحقيق مطالبكم وحقوقكم من ملكية وجنسية وتهجير؟

- نسمع التصريحات والتأكيدات سواء من السيد رئيس الوزراء او من قبل اعضاء البرلمان فيثلجون صدورنا، ولكنها ما تزال مجرد تصريحات لم ترتق الى مستوى التطبيق ولكننا نأمل ان نصل الى حلول ولا نملك الا ان نصبر ونتابع ونتأمل الخير خاصة ونحن دائبون على ان يفهم الجميع مأساتنا وتوضيح الجريمة البشعة التي قام بها الفاشيون حين قلعونا من جذورنا ورمونا الى خارج العراق الى مصير مجهول واعدموا شبابنا بدون محاكمة واعتبرونا اجانب بل غرباء ونحن شريحة قدمت افراداً شاركوا في نضال هذا البلد سواء من خلال عملهم السياسي في الحزب الشيوعي او من خلال عملهم في حزب الدعوة واحزاب ديمقراطية واسلامية اخرى.

ثم سألنا وداد رجب الفيلي/ رئيسة المنظمة الخيرية للكرد الفيليين الاحرار..

* ما هي الآليات التي استخدمتموها للضغط على الحكومة والبرلمان لتحقيق مطالبكم؟

- منذ 2003 ولحد الآن ونحن نرفع شعارات تطالب بحقوق الكرد الفيليين، ونرسخ هذه الجريمة ونعيد صورها في اذهان الجميع وقد استبشرنا خيراً بتشكيل الحكومة الا ان الحكومة قد ركنت قضيتنا جانباً، ونحن الان قد دخلنا العام السادس بعد التغيير ولم يحدث أي تقدم فيما يخص معاناتنا بل محنتنا ونحن الان مقبلون على اقامة اسبوع ثقافي نستذكر فيه يوم التهجير ويوم الشهيد وندعو كافة الشخصيات للمشاركة معنا ومن خلاله نختصر مطالبنا في:

1- عودة المهجرين من ايران.

2- تعويض عوائل الشهداء.

3- تعويض السجناء.

4 رد الاعتبار السياسي والوطني لنا.

وهذه المطالب قد قدمناها كثيراً من خلال اعضاء البرلمان الفيليين الموجودين في البرلمان.

كما أود ان أوجه دعوة لكل الاحزاب التي شاركنا بالنضال معها ان تقف الى جانبنا في هذه المحنة لاننا سبق وان وقفنا معهم.

/ واخيرأً توجهنا بالسؤال الى جواد كاظم علي/ مدير اذاعة شفق، عن معاناة الكرد الفيليين فاجاب:

- شريحة الكرد الفيليين تعرضت للتهجير لعدة مرات خلال تاريخ العراق حيث بدأت منذ زمن رشيد عالي الكيلاني ثم في السبعينيات وبعدها التهجير الهمجي القسري من قبل النظام المباد في مستهل الثمانينيات الى ايران وضاعت حقوقنا وعانينا الآمرين من المهجر والمضيف.

وقضيتنا اعتقد انها لا تنتظر الحل من المنظمات والاحزاب وانما تحتاج الى قرار جريء من الحكومة بقوة قرار تهجيرنا وهذا القرار هو الكفيل بحل كل متطلباتنا.

اما ما تتحدثون به عن التبعية الايرانية فهذا كلام واه ولا توجد هناك تبعية ايرانية فنحن عراقيون عشنا مئات السنين على هذه الارض، وخدمنا في الجيش ودافعنا عن وطننا ودرسنا وتخرجنا وعملنا وقدمنا الغالي والنفيس فاي تبعية واذا كان الامر كذلك فلتعود التبعية العثمانية الى تركيا ليبقى البلد فارغاً.

* وتخلل المؤتمر كلمة القاها  سعدون الفيلي ممثل رئيس الجمهورية شدّ على ايدي الكرد الفيليين وتساءل: على من تقع مسؤولية التسريع باحقاق الحقوق للفيليين واثار سؤال يفيد بانه لماذا حلت مسألة حلبجة ولم تحل لحد الآن قضية الفيليين وقال ان المسؤولية تقع علينا جميعاً لحل هذه القضية.

بعد ذلك استمتع الجميع بمشاهدة فلم وثائقي يحكي معاناة المواطن العراقي بصورة عامة والمواطن الفيلي بصورة خاصة.

ثم تم عرض صور لشهداء الكرد الفيليين على مر تاريخ العراق وجاء الختام على ايدي فرقة لطلاب وطالبات مدرسة الكرد الفيليين الابتدائية التي قرأت نشيد (اجيال بعد اجيال) ونشيد باللغة الكردية نال استحسان الجميع.

فخرج الجميع، يحمل البرلمانيون الرضا في قرارة نفوسهم وهم يشاركون ابناء شعبهم احتفالاتهم وتعزيتهم على شهدائهم وخرجت عوائل الشهداء وما زال القلق يتلألأ في عيونهم لا يدرون شيئاً عن مدى المهمة التي سيقوم بها المسؤولون لتحقيق مطالبهم، وحين التقيت بكثير من عوائل الشهداء او المهجرين من الفيليين وسألتهم عن معنوياتهم اجمعوا على رأي واحد مفاده "حتى لا اطيل الكلام عليكم".

"انها مجرد وعود وتصريحات ولكننا لا نفقد الامل وسوف لن يضيع حق وراءه مطالب".

*****************************

 

Back