ضد الكرد الفيليين والقانون الدولي Genocide د. آلان قادر : جرائم الإبادة الجماعية
بمناسبة محاكمة مجرمي االبعث بسبب الهولوكوست ضد الكرد الفيلييين

من يراجع ملفات التاريخ سواء ،لغاية قراءتها من جديد،أوالوقوف على بعض أحداثها الغابرة ويتجول في أروقتها،محاولا إعادة تقييمها وتحليلها أو القاء نظرة ارجاعية عليها Retrospektive،سوف يصطدم بحقيقة رهيبة فعلا ألا وهي:محاولة السواد الأعظم من المؤرخين والكتاب والمثقفين العرب واشباههم،ابعاد تهمة النازية والفاشية عن حزب البعث بشقيه العراقي والسوري، تحت ذريعة سخيفة وواهية ألا وهي، الصراع ضد الامبريالية.فهم سواء عن وعي أو بدونه يحفرون قبرهم بيديهم ويحكمون الأصفاد والأغلال على آياديهم وآيادي شعوبهم ويعملون على إدامة استعباد واذلال تلك الشعوب وذلك عن طريق اخفاء الحقيقة المرة عنها وتوجيه انتباهها إلى عدو وهمي موجود في مخيلتهم فقط،تذكرنا بصراع بطل سيرفانتس دون كيشوت ضد طواحين الهواء.ورب سائل يسأل ومع علاقة كل هذه بالمجازرالوحشية ضد أخوتنا الكرد الفيليبن؟ وهنا لايسعني سوى القول: انها علاقة وثيقة جدا،كعلاقة الأظفر باللحم.ففي أواخر الثمانينات وعندما كنت في دمشق أتابع جهودي من أجل طباعة كتابي: حرب الإبادة الجماعية ضد شعب كردستان والقانون الدولي المعاصر[ والذي تحول بجرة قلم من قبل رقابة البعث النازي السوري إلى الشعب العراقي]،التقيت مع أحد الأصدقاء اليساريين العرب العراقيين،حيث كان محور النقاش:استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل نظام صدام الفاشي ضد الكرد بهدف إبادتهم،فما كان منه ان رد بانفعال مبررا ذلك بقوله هذه دعاية امبريالية للنيل من النظام الوطني في العراق!!؟؟.وعلى هذا النحو نجد أن الجرائم البربرية للنازية والفاشية العربية والتي تجسدت بشكل تام ومطلق في حزب البعث بشقيه العراقي والسوري لاتختلف البته  عن الهولوكوست والمجازر الفظيعة الأخرى التي ارتكبتها  قطعان النازية الألمانية، ضد الشعوب السلافية واليهود ابان الحرب العالمية الثانية والتي تجاوزت حدود الخيال الانساني ومدى تفكيره!
 

الترسانة الأيديولوجية للنازية وحزب البعث

ويكفينا أن نذكر االأفكار الأساسية والتوجه الأيديولوجي للنازية الألمانية التي اقتبسها البعث فيما بعد،وأخرجها من تحت حطام وأطلال برلين ،درسدن وفيينا وغيرها من المدن الألمانية والنمساوية ،أدخلها إلى برنامجه وممارساته العملية بعد إكساءها بالكفية والعقال العربي طبعا:

 
نظرية المجال الحيوي Lebensraum أو التوسع العدواني-الاستعماري وذات الطابع الاستيطاني على حساب الشعوب الأخرى.فالأراضي والقصبات الكردية سواء في جنوب وغربي كردستان التي ابتلعها وضمها البعث النازي بغنى عن الحديث
مقولة التفوق العنصري للعرقين الألماني الآري والعربي على الشعوب الأخرى،فهنا العرق الجرماني نقي وأصيل ومتفوق على ماعداه وهناك " وكنتم خير أمة أخرجت للناس"
نظرية ال Führer أي الزعيم والقائد الأوحد، الأمين إلى الأبد
رفض مطلق للديمقراطية والليبرالية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع  وإقامة نظام قمعي ديكتاتوري لاوجود فيه للرأي الآخر ولكن الهيمنة المطلقة هي لعصابات المخابرات بمختلف فروعها.
التظيمات الحزبية والسياسية للنازية الألمانية كانت مشبعة بأفكار التطرف القومي ولكن تحت شعارات وجمل يسارية –ديماغوجية متطرفة لاأكثر:الحزب القومي- الاشتراكي العمالي الألماني،وحزب البعث العربي الاشتراكي،أسس النازيون الألمان منظمة شبيبة هتلر أما البعثيون فشبيبة الثورة!!.
أصدر النازيون الألمان بهدف ارضاء الكنيسة قانون جباية ضرائب الكنيسة من المؤمنين،أما البعثيين فقد حولوا ليس فقط خطباء صلاة الجمعة وموظفي الأوقاف إلى عملاء وكتبة التقارير،بل تدخلوا في شؤون الله تعالى واصدروا له الأوامر  بشأن من يخلق ومن لايخلق.فهاهو خال المجرم المقبور صدام حسين  خيرالله طلفاح،أحد المفتونين بالنازية الألمانية، يأمر خالق الكون والبشر بما يلي: كان على الله ألا يخلق ثلاثة كائنات: اليهود،الفرس والذباب!!؟؟وكان هتلر أيضا يكرر دائما :كفاحي ضد اليهود هي رسالة إلهية.أما النازييين العرب من رهط البعث  ومن لف لفهم فهم يكررون دائما: ثلاثة في الدنيا من الفساد :الكردي الجريذي والجراد!!!
احراق اليهود والغجر والمعوقين وأبطال المقاومة والعديد من أسرى الروس والشعوب السلافية  في أفران الغاز،أما البعث النازي العراقي والسوري أحرق الكرد في عامودا وسجن الحسكة في غربي كردستان ونظم حملات الأنفال ودفن الكرد وهم أحياء في صحراء جنوب العراق وأبادهم بالغازات السامة والكيماوية وأباد عشرات الآلاف من الكرد الفيلية.
إقامة جمهورية أو مملكة الخوف  والرعب،حيث أن السلطة التشريعية تابعة بشكل مطلق للسلطة التفيذية واستقلالية القضاء موجودة على الورق فقط.
القصد من وراء هذه المقدمة والمقارنة،كي أوضح للقارئ إلى أي درجة استطاع البعث بأفكاره العنصرية والنازية- الشوفينية تسميم عقول أجيال متعاقبة في المجتمعات العربية ونشر الكره والأحقاد والبغضاء والأحكام المسبقة ضد شعب  كردستان كي يحافظ على سلطته الإجرامية ولو على حساب أنهار من دماء العرب والكرد.ان لجوء البعث النازي السوري  وفي هذه الفترة بالذات إلى عرض فيلم أبو جعفر المنصور،حيث يخاطب البطل الكردي الشهم أبو مسلم الخراساني بالقول: ان الخيانة في أجدادك الكرد ليس سوى فكرة عنصرية مقتبسة من ترسانة النازية الألمانية بهدف تأليب العرب على الكرد للمحافظة على سلطته البربرية.

 
حكم القانون الدولي في جرائم البعث الفاشي العراقي ضد الكرد الفيليين

وتأسيسا على ماورد أعلاه وبالنظر أن أخوتنا الكرد الفيلية لعبوا دورا كبيرا ومرموقا في المجتمعين العراقي والكردستاني ونبغوا وأبدعوا في مجالات السياسة والعلم والتجارة والصحافة ورفدوا الحركة السياسية التقدمية العراقية بأفضل الكوادر والعقول والقادة الأشاوس،ناهيك عن انخراط آلافا منهم في صفوف البيشمركة الأبطال وضحوا بأرواهم الطاهرة في سبيل تحرير كردستان من جحافل صدام الفاشية وجحوشهم السائبة،مما حدا بنظام نيرون بغداد الى الانتقام  منهم والعمل على إبادتهم 
لكن الجريمةالشنيعة التي اقترفها نظام صدام البربري والنازي كانت في إقدامه على اعتقال وحجز الشابات والشباب الفيليين وهم في عمر الزهور [ مابين 13- 28 عاما] ليقوم بتصفيتهم بوحشية لامثيل لها، ليس بسبب جريمة أو جنحة ارتكبوها ،بل كونهم ولدوا أكرادا، حيث أجرى عليهم تجارب أسلحته الكيماوية والجرثومية التي قضى فيها أولئك الشباب والشابات الذين تجاوز عددهم 11 ألفاً.ومن المعروف انه جرى ابعاد عشرات الآلاف من أخوتنا الكرد الفيلية ابان الحرب العراقية-الإيرانية إلى إيران بحجة التبعية الإيرانية،بعد سلب أموالهم المنقولة وغير المنقولة وتجريدهم حتى من وثائقهم الشخصية.دون شك تتناقض تلك الجرائم الهمجية لصدام العوجة وزمرته الفاشية مع كافة بنود وأحكام القانون الدولي المعاصر،بما فيها القانون الدولي الانساني. وإذا حاولنا تحليل جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الأنسانية المرتكبة من قبل سلطةصدام الدكتاتورية البائدة ضد الكرد الفيليين وبناء على المادة السادسة التي تنظر فيها محكمة الجنايات الدولية التي تشمل على أخطرانتهاكات حقوق الأنسان الدولية ونعني بها جريمة الجنوسايد أو التطهير العرقي،حيث جرى اقتباس تعريف جريمة الإبادة الجماعية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 . ويشمل مفهوم الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية الذي يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، إهلاكا كليا أو جزئيا:

 
• قتل أفراد الجماعة القومية
إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة
• إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا
• فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة
• نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى

 
وعلى هذا النحو يجب معاقبة المجرمين من طغمة صدام والموجودين في قبضة العدالة العراقية بسبب تلك الجرائم الفظيعة بحق الكرد الفيليين استنادا إلى تلك البنود من العهد الدولي الواردة أعلاه لأن أركان الجريمة، ولاسيما نية القتل والإبادة العمد أو عن سابق وعي وتصميم متوفرة في جريمة إبادة الكرد الفيليين بشكل كامل وخارج إطار المناقشة.إنني أضم صوتي إلى أصوات زملائي الحقوقيين والكتاب بانزال أشد العقوبات بالقتلة المجرمين، كي يصبحوا عبرة للآخرين ورادع لهم وأطالب الحكومة العراقية بتعويض الكرد الفيليين عما لحق بهم من أضرار مادية وجسدية وانصاف هذه الشريحة الهامة والفعالة في المجتمع العراقي والكردستاني.سوف تكون هذه الخطوة دعما قويا لتعميق وتجذير المسيرة الديمقراطية في العراق وتدبيرا هاما للحيلولة على عدم عودة الديكتاتورية والسلطة الفردية أو الفاشية الدينية إلى سدة الحكم في العراق.

 
*حقوقي، متخصص في القانون الدولي العام- رئيس الجمعية الكردية للدفاع عن حقوق الانسان في النمسا- شباط 2009
 

 

Back